- تحذير قبل الإقلاع : هذا المقالُ القصير لا يُعبِّر عن حالة الكاتب الإجتماعية، فهُو لا يزال بائسًا غير مُبالٍ بالبحثِ عمّن يُشركها معهُ في هذا البؤس.. إنما مقالهُ استعراضٌ لغويٌّ لما يُتخيل من رسائل عاشق لحبيبته الغائبة في اليومِ العالمي للمرأة.. وهذا التحذيرُ قد كُتب خصيصًا لكُل من يعرفُ الكاتبَ معرفةً شخصية، وللأقارب مُتسرعي الأحكام هدانا الله وإياهُم .. والله خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين.
ثُم كان ممّا قالهُ
في رسالته بعدما غابا عن بعضهما طويلًا:
"ثُم إن الوقت
بكِ وإليكِ يعُود.. فلا معنى لهُ بدونِك، ولا سبيلَ لعيشِه سوى وجُودك، فإن فهمتي
فهذا حسنٌ.. وإن استفهمتي فأنا أنبؤك حتى تفهمي..
يَمُر الوقتُ دون
لُقياك كما يَمُر قطارٌ خربٌ على سكَّة عوجاء متوجهًا نحوَ مدينةٍ خاليةٍ من
السكَّان.. والمدينة خالية السُكنى هنا هي قلبي إذا ما غبتي.
أما حينَ ألقاكِ..
فالجَو الحارُ يضحو نسيمًا باردًا، وتزأرُ عواصِف الشِتاء حتى تدخل في حرمك، فإن
دخلت انقلبَت العواصِف الزائرةُ إلى جو صافٍ هادئ الملامح، كهدُوء ملامِحك
الأخَّاذة.
شديدُ البرودة يصبِح
ساخنًا، وشديدُ الحرارة يُمسي باردًا في حضرتك، وما ذاك لشيءٍ إلا أن وجُودك يُحدث
الفارق دائمًا ويقلبُ الموازين.. ولعلِّي أخبركِ – من وجهة نظري المتواضعة- لمَ
سُمِّي "القلبُ" قلبًا؟ .. ولمَ يُشاع أن الحُب مقرُّه ومستودعه في
القلب؟ هل أنتِ منصِتةٌ؟.. جميل..
أقُول – وأجري على اللهِ
فيما أقُول- .. أن القلبَ سُمي بذلك لأن المحبُوب إذا دخل قلب مُحبّه قَلبه قلبًا من
حالٍ إلى حال، وإن للقلبِ أحوالاً يتقلَّب
بينها سواء في الحزن أو في المسرَّة، وقالبُ القلبِ المفضّل دائمًا هو
محبُوبه.. وتعلم أنّك أمام شخصٍ تحبه حقًا إذا ما وجدت حالك يُقلب للأجملِ إذا
حضر، ويَنقلبُ للأسوأ إذا ما غاب عنك.. فتِلك علامة قلبيّةٌ على دخُول هذا الشخص
لقلبِك.
وبعدَ هذا الكمِّ
المُتقلِّب من حروف القاف واللام والباء، أجزم أنكِ يا قلبي تتمنين أن أُصاب
بسكتةٍ قلبيّة لترتاحي من هذه المُبالغات النثرية.. لكن يؤسفني أن أُخبركِ أن هذا
لن يحدُث بعد مشيئة الله – على الأقلّ حتى أفرغ من مقالي هذا-.
وللأمانة العلمية –
أو للأمانة الفلسفيَّة- ، فإنني حتَّى وإن رجوتكِ ألّا تغيبي.. إلا أنك في الحقيقة
لا تغيبين عني ولو لحظة.. حضُورك باهرٌ نعم، ولكنّ غيابكِ صارخٌ أيضًا.. يصرُخ في
أرجاء عقلي وطُرقات تفكيري، فما ألبثُ أن أفكر في شيء إلا رأيتُكِ فيه، ولا أتأملُ
شيئًا إلا سمعتُ صدى صوتك يتردد في ذاكرتي، لا يوجدُ شيءٌ في هذا الكون أستطيع أن
أفكر فيه دُون أن أربطهُ بكِ، بدءًا من الإنفجار العظيم، مرُورًا باجتماعات مجلسِ
الشعب، وصولاً إلى فاصُولياء جدتي.. لا شيء يمنعُني من التفكير بكِ.. ولنبتعد
قليلًا عما كثُر من الكلام العذب، ولأُلخّص لكِ هذه الجمل الطويلة متراصة
الكلمات..
فأنتِ يا حُلوتي مهما
ابتعدّتي وطال غيابُك، إلا أنك تبقين حاضرةً هُنا دائمًا.. في قلبي."
